الأحد، 11 ديسمبر 2016

الدنيا على حقيقتها

"بلاش تستغل حد عشان ماحدش يستغلك"
"بلاش تظلم حد أحسن تترد لك"
"احترم الناس عشان الناس تحترمك"
"خليك متسامح ومافيش حد هيزعل منك"
"رد غيبة الناس عشان تلاقي اللي يرد غيبتك"
وكثير من العبارات المشابهة نستخدمها على مدار يومنا في نصحنا لبعض وفي تربيتنا لأبنائنا .. عندما أتأمل الحياة الحقيقية بدون تجميل أجد أن هذه المفاهيم خاطئة للغاية بل غير متحققة بالمرة .. كثيراً ما تكون إنساناً تحترم الجميع وتعاملهم برقي شديد .. لكن يعترض حياتك شخصاً ما يهينك في مقتل .. تراعي الله في تعاملاتك مع الناس لكن تجد من يظلمك أو يجرحك بكل سهولة .. تدافع عن أصحابك في غيبتهم ثم تجد الغدر من نفس الصديق .. تأبى أن تطلب طلباً من أي شخص وتبحث بنفسك وتجتهد ثم تفاجأ بمن يستغل عملك وجهدك لمصالحه الشخصية بكل فجاجة .. تعمل بجد وتعطي بسخاء لكن تفاجأ بعدم تقدير جهدك ..
كل هذا وأكثر أواجهه بشكل شخصي بمعدل يومي وأراه يحدث كثيراً للطيبين من حولي .. هؤلاء الذين لا يؤذون أحداً ولا يجرحون أحداً .. هؤلاء الذين لا يحاولون الانتصار لأنفسهم ولا يتقنون فن "البروباجندا".. هؤلاء الذين لم يتعودوا على كلمة "لا" .. لا يصدون محتاجاً وفي وقتهم دوماً متسع للجميع

وبعد تفكير عميق خلصت إلى أن هذه العبارات تعوِّد الإنسان انتظار مقابل لأفعاله الطيبة .. فإذا لم يجده يحزن ويحبط ... مثل المكافأة التي يخدع بها الآباء أبنائهم ثم يتملصون من وعودهم .. هم كاذبون وأنت ايضاً تكذب على نفسك حين تعدها بأن الناس سوف يعاملونك بالمثل .. حينما تقنع نفسك أن تفعل الخير حتى يرتد إليك .. لا يا صديقي .. هذه النية ليست خالصة وعملك يشوبه حظ النفس ..
افعل الخير لأجل رضا الله فقط .. افعل الخير وأنت لا تتوقع شيئاً من الآخر .. توقف عن التوقعات فهي سبب الأمراض النفسية في هذا العصر .. لا تؤمل كثيراً في بشر واجعل توجهك إلى خالق البشر .. فإذا وجدت بعد معاملتك الطيبة وجهدك المحمود خذلاناً أو استغلالاً أو جحوداً فلن تتألم كثيراً لأنك تعلم أن رب الكون لن يخذلك وأن الخير الذي فعلته في ميزان حسناتك لن يضيع وأن الله يدخر لك الأجر في الاخرة وأن كل ما تراه من منغصات في هذه الحياة تستطيع بالرضا والصبر أن تحوله إلى خير كبير .. حسنات تملأ الميزان
كلمة أخيرة فلنتوقف عن هذه الطريقة في التربية فهي تصيب أبناءنا بالاحباط وتجعل تعليمهم الإخلاص في النية امراً عسيراً
#فلنتأمل
#الدنيا_على_حقيقتها
#الإخلاص_ليس_سهلاً

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق